نشأ علم القراءة أصلا منذ اللحظات الاولى لنزول القرآن الكريم وحيا من اللوح المحفوظ الى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طريق جبريل الأمين الذي نزل بكلام الله تعالى، وأول كلمة فيه " اقرأ " وتلاه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحدد له لفظه وكيفية التلاوة، ثم تلاه الرسول صلى الله عليه وسلم على الصحابة كما نزل ، وتلُوه في الصلاة وفي البيوت، ونقلوه الى أولادهم وأصحابهم، ثم إلى التابعين كما نزل وكما سمعوه من نبي الله حتى وصل إلينا كذلك .
ولكن القرآن الكريم نزل على سبعة احرف، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يراعي لهجات القبائل العربية في النطق واللفظ، وتفرقت القبائل وهي تتلو القرآن الكريم على الحرف والكيفية التي تلقتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وجمع أبو بكر رضي الله عنه القرآن في مصحف واحد، وجاء عثمان رضي الله عنه وطلب من كبار القراء و الحفاظ وكتاب الوحي من الصحابة أن ينسخوا سبع نسخ للقرآن، وزّعها على الأمصار والعواصم الإسلامية .
وخرجت الجيوش الإسلامية تحمل القرآن وتتلوه في كل مكان، وتعلمه للشعوب التي تدخل في دين الله، وكل فرقة تقرأه على حسب ما سمعته وما نقلته، أو بحسب رسم عثمان، فاختلفت قراءة أهل الامصار، كما اختلفت القراءة في الجيش الواحد، أو البلد الواحد
ونهض الصحابة والتابعون، والحفاظ والقراء، إلى التحري في ضبط القراءة، والدقة في النقل والتلقين للناس، وحرص العلماء على ذلك، وظهر أئمة القرّاء فضبطوا هذه الاختلافات ودونوها ونقلوها، والتزم كل واحد قراءة ومنهجا، وعلمه لتلامذته، ونقلوه بدقة، فصار كالمذهب، وعرف بالقراءة .
واشتهر سبعة قراء في سبع قراءات، وظهر معها ثلاث قراءات أقل شهرة، فصارت القراءات عشرة، ونتيجة الحصر التام للوجوه النادرة والشاذة عرفت أربع قراءات، فصار المجموع أربع عشرة قراءة .
فالقراءة هي : "مذهب يذهب إليه الإمام من أئمة القراء، مخالفا به غيره في النطق بالقرآن الكريم مع اتفاق الروايات و الطرق عنه، سواء أكانت هذه المخالفة في نطق الحروف، أم في نطق هيئاتها" .
وصارت القراءة منسوبة إلى إمام مقرىء، وتعتمد على النقل بالإسناد المتواتر الى النبي صلى الله عليه وسلم .